الأربعاء، 16 يوليو 2008

سياسات التنمية : تنمية التبعية وتغريب العالم

تمهيد :
إن قضية التنمية والتخلف بأبعادهما وإشكالاتهما المختلفة هي قضايا المجتمع ككل يتعرف من خلالهما على العوائق الايبيستيمولوجية(المعرفية) التي من خلالها نفكر وننتج مفاهيمنا وتمثلاتنا حول :"التنمية" و"التخلف" من جهة . ومن جهة أخرى نتعرف على العوائق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحول دون تطور المجتمع وتحديته .وعلى ضوئها يتعرف المجتمع على تاريخه السوسيو-إقتصادي ,ومن خلالها تناقش امكاناته المادية الحالية والمستقبلية, وبواستطها يتم تناول كل الانساق الاجتماعية : تربوية وقرابية وقانونية فضلا عن مساؤلتها الانماط المجتمعية الكبرى الريفية والحضرية.
إن مفاهيم "التنمية" و"التخلف" وما يرتبط بهما من مفاهيم وتصورات متباينة , وكذا مختلف الاسماء التي تكنى بها المجتمعات "النامية" ليست مفاهيم محايدة على الاطلاق , اذ تنطلق من مرجعيات غربية شادة متمركزة حول الذات , من أجل الهيمنة والسيطرة على الشعوب ,ونهب ترواتها المادية والبشرية وتكريس تبعيتها للمراكز.فاذا كان الاستعمار القديم يسمى حماية فان التنمية جزء من السياسة الستعمارية القديمة والجديدة في نفس الوقت التي تمد اليد للتعاون ولكن تخفي وراءها أهدافا غير معلنة. فكما تم استنزاف وتدمير البلدان النامية باسم الحماية ,يتم حاليا استنزاف ترواتها وتدمير بيئتها باسم التنمية : ان تنميتهم تعني ضمان استمرار وانتشار النموذج الغربي(الاقتصادي) بطريقة شمولية وماالى نهاية ؟
إن فهم ظاهرة "التنمية" لا يزال بحاجة الى فهم جديد عبر نوع من الدراسات النقدية "الراديكالية" وأعتقد ان الخطوة الاولى في هذا السبيل هي توضيح الاهذاف والمبررات السياسية الكامنة وراء معظم "النماذج التنموية" المطروحة في سوق التداول والعملي والنظري .كل ذلك من أجل الوصول الى نظرية تؤكد العناصر البنائية للتنمية مستندة في ذلك الى فهم حقيقي لتاريخ وجود :مجتمعات "متقدمة" و"متصنعة" و"ديموقراطية" جنبا الى جنب مجتمعات تتسم من جهة بالفشل والارتباك في جل مشاريعها التنموية ,وتتسم من جهة أخرى بالاستبداد وعدم الاستقرار السياسي .
مفهوم التنمية :
يعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين، حيث أُطلق على عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة فيما يُسمى بـ "عملية التنمية"، ويشير المفهوم لهذا التحول بعد الاستقلال -في الستينيات من هذا القرن- في آسيا وإفريقيا بصورة جلية. وتبرز أهمية مفهوم التنمية في تعدد أبعاده ومستوياته، وتشابكه مع العديد من المفاهيم الأخرى مثل التخطيط والإنتاج والتقدم والتغيير الاجتماعي.

وقد برز مفهوم التنمية بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يُستعمل هذا المفهوم منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني البارز "آدم سميث" في الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيل الاستثناء، فالمصطلحان اللذان استُخدما للدلالة على حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا التقدم المادي ، أو التقدم الاقتصادي . وحتى عندما ثارت مسألة تطوير بعض اقتصاديات أوروبا الشرقية في القرن التاسع عشر كانت الاصطلاحات المستخدمة هي التحديث ، أو التصنيع . إلا أن انطلاقته الحقيقية بدأت في عقد الخمسينات والستينات بعد(استقلال) الدول المستعمرة غير ان استخدامه يكتنفه بعض الغموض اذ يتم خلطه بمفهوم "التغيير الاجتماعي"على ما فيه من خلط وإساءة مدلول كل منهما. ويحمل مفهوم التنمية معنى أكثر دقة وتحديدا من مفهوم "التغيير الاجتماعي" ,وجدير بالذكر ان التنمية في معناها الاصلي كانت مرادفة للنمو او الانفتاح على الامكانات والطاقات.
إلا ان "التنمية" كمفهوم يستخدم دوليا على نطاق واسع الان ,لاتشير الى عملية نمو تلقائية ,وإنما إلى عملية تغيير مقصود تقوم بها سياسات محددة وتشرف على تنفيدها هيئات حكومية مسؤولة تساعدها هيئات على المستوى المحلي ( المنظمات غير الحكومية والجمعيات المختلفة) تستهذف إدخال نظم جديدة ,أو خلق قوى إجتماعية جديدة مكان القوى الاجتماعية الموجودة بالفعل ,وإعادة توجيهها وتنشيطها بطريقة جديدة ,وتهيئة الظروف المتعددة ,لهذا الجانب من التغيير الاجتماعي الذي يطلق عليه "التنمية".ومن الخصائص المميزة للتنمية أنها ليست عملية تطور تدريجي وتلقائي , حيت أنها تتم على أساس التدخل المستمر والمقصود في المجتمعات ,وتستمر عبر هيئات التنمية التي تكون جزءا من بناء الدولة.

مفهوم التخلف :
إن الحديث عن التنمية يختلط دائما بالحديث عن "التخلف" و"التقدم" ,فالتقدم هوغاية التنمية ,والتنمية هي عمليا بناء أسس ومقومات النظام الاجتماعي – الاقتصادي المتقدم .لذلك فإنه من الضروري تناول مدلول مفهومي :"التخلف" و"التقدم" باعتبارهما مفهومين مترابطان جدليا وعلاقتهما متبادلة :علاقة شرط وإنجاب .
لقد داعت غداة الحرب العلمية التانية مجموعة من المفاهيم لتشير الى مجموعة من الدول التي كانت تنعت بالمجتمعات التقليدية او التاريخية أوالراكدة ,وواضح من هذه التسميات والنعوت إنها تمثل أحكاما تقديرية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية الغرض منها إقامة مقارنة الدول بعضها ببعض ووضعها في مراتب بعضها فوق بعض .مع ما في ذلك من تعسف وتحكم شديدين نظرا لاختلاف الحكم التقديري باختلاف المعيار الذي يقوم عليه والغرض الذي يوضع من أجله مما يجعل من الصعوبة بمكان الاتفاق على تعريف جامع للدول المتخلفة ( أو النامية أو السائرة في طريق النمو كما يقال عادة ) .
ويتكون العالم الثالث من المجتمعات التي لم تصل بعد إلى مستوى عال من المعيشة من وجهة النظر الاقتصادية .واذا نظرنا الى العالم التالت من زاوية التنمية الاقتصادية (او النمو) فان معضم البلدان التي يتكون منها تشغل مكانا يمكن فصله إجرائيا عن المكان الذي تشغله المجتمعات الغربية ,ويمكن ان أشير هنا الى ان كلمة "ثالث" لا تمتل مرتبة تقافية أو قيمة ولكنها تعني في الواقع درجة معينة من درجات التنمية الاقتصادية (النمو) .
الاتجاهات العامة المسيطرة على طبيعة التنمية :
إن التنمية كما سبق تعريفها ترتبط من حيت أهدافها وتصوراتها بالاطار الايديولوجي للمجتمع ,ويضهر ذلك بوضوح من الاتجاه العام الذي تنطلق منه مختلف نظريات التغيير الاجتماعي ,ويمكن ان نذكر بالاتجاهات الثلاثة التقليدية التي سيطرت على طبيعة التنمية منذ عقود من الزمن:
*الاتجاه المحافظ : الدي يرفض البعد التاريخي في دراسة الواقع ومن ثمة لا يربط ربطا واضحا بين النمو الاقتصادي والتنظيم الاجتماعي ,ويرتبط بهدا الاتجاه المنظور البرجماتي الذي يرفض التحليل الديالكتيكي للواقع الاجتماعي :ويرى ان الواقع الاجتماعي الممكن هو الواقع القائم .
*الاتجاه الوضعي :الذي يرى انصاره ان التنمية تتحقق من خلال تعديلات وظيفية دون مساس بتكامل النسق الاجتماعي القائم واستمراريته.
*الاتجاه الراديكالي : الذي ينطلق من تصورات تقوم اساسا على تغيير الاساس المادي للمجتمع مع ما يستتبع ذلك من تغييرات مصاحبة في نظم المجتمع ,وبالتالي يكون طريق التنمية هو التغيير الشامل لبناء المجتمع ,الذي تفرضه حتمية التاريخ .
ويترتب على الاتجاهات السابقة ,تصور الاستراتيجية الملائمة لتحقيق التنمية ويمكن حصرها في أربع :
1/ الاستراتيجية الامبريقية العقلانية التي تعتمد على رغبة المجتمع المحلي وإستجابته .
2/ الاستراتيجية التربوية التي تعتمد على تغيير نسق الفعل من خلال تغيير نسق القيم والمعاني والتصورات .
3/ إستراتيجية القوة : التي تعتمد في تحقيق التنمية على قوة القانون والاجراءات السياسية والاقتصادية والادارية .
4/ الاستراتيجية الثورية التي تتطلب التغيير الشامل من خلال رؤية أن الاصلاح لا يجدي وأن الواقع الاجتماعي ليس مؤشرا لطبيعة الوجود الاجتماعي .
التنمية كما تشرف عليها الدول الغنية ومؤسساتها : تنمية التبعية وتغريب العالم

لقد شهدت العلاقات الدولية تغييرا جذريا بعد سقوط جدار برلين 1989 وصعود نجم القطب الاحادي بزعامة الولايات المتحدة الامريكية مما جعل العلاقات الدولية واضحة المعالم من خلال فرض النموذج الرأسمالي و بداية مرحلة الاحتكار الرأسمالي للاسواق وللثرواث ,لتجد هذه المعادلة تتمتها الموضوعية في مرحلة العولمة النيوليبرالية المتميزة بتصدير الرساميل وفتح اسواق جديدة مما يعني توطيد التبعية والمزيد من فرط الاستغلال لدول الهامش , لكن الشيء الذي تغير بالفعل هو الشرعية التي كسبتها دول المتروبول باسم "التنمية" و"الديون" التي تشترط التدخل الدائم في تحديد السياسة الاقتصادية للدول النامية . وعموما توجد في الدول النامية اتجاهات عامة نحو سيطرة الدولة على الاقتصاد والرقابة السياسية المباشرة على المشروعات التي تحتل المواقع الاساسية من الاقتصاد.معنى هذا ,العمل على إعطاء مفهوم "التنمية" مدلولاجذريا يتلاءم مع الاهذاف الوطنية ,الا ان الدول الكبرى( الغنية) هي التي تشرف على تطبيق هذه السياسات المسماة "تنمية " عبر منظمات أو جمعيات تسهر على الوفاء والتطبيق العملي لخلاصات وسياسات هذه الدول دون اي انسجام مع اهذاف الدول النامية ,وهذا ما اوقع هذه الاخيرة في مازق أدت الى هدر الكثير من الجهد والوقت والامكانات المادية ,بشكل اتخد طابع التبدير الذي لايمكن للمجتمع النامي ,ذي الاعباء التقال ,ان يسمح لنفسه به, إنطلق هذا التصور التبعي الذي تترجمه الدول النامية عمليا من مشاريع "تنموية" طنانة ,ذات بريق ووجاهة ,قائمة على دراسات ومخططات جزئية لم تتجاوز السطح معظم الاحيان, كي تنفد الى دينامية البنية الاجتماعية للدول النامية .وضعت خطط مستوردة عن نماذج لا علاقة لها باهذاف هذه الدول تنبني على لغة خشبية وعلى صور نمطية تفتقد للمصداقية والعلمية .إن هذا الفشل هو الذي يؤكد إفلاس أسطورة الفائدة المشتركة والرفاهية الموعودة , و أن القائمين على هذه السياسات يحترفون اللغة ويحترفون الخطاب إذ توجد بين خطابات التنمية والواقع الاجتماعي لشعوب البلدان النامية هوة أكبر من أن تحتويها الخطابات التسويقية للمفاهيم . إن الدول الغنية والقوية تمارس تأتيرها العالمي للدفاع عن مصالحها وأهذافها وإيديولوجيتها ,مما يجعل التعاون التنموي الدولي مجالا للتناقضات العميقة. إدن تخلف الدول النامية هو نتيجة وحصيلة تاريخية للتوسع الرأسمالي ,أي استغلال الهامش من طرف المركز والتجميد المفتعل الذي عرفته شعوب العالم الثالت نتيجة انتشار النظام الراسمالي انطلاقا من المعادلة التالية: الرأسمالية=الاستعمار=نمو البعض=تخلف البعض . فالتخلف يصبح ظاهرة حتمية مرتبطة باستمرارية وهيمنة النظام الرأسمالي على المستوى العالمي ,وبما يقتضيه من استغلال مباشر أو غير مباشر وهيمنة عامة .إن كلا من التنمية والتخلف هما هيكلان جزئيان من نظام عالمي واحد ,هو النظام الرأسمالي العالمي ,هذا العالم الذي يتميز بوجود قوة مسيطرة وقوة مسيطر عليها . بهذا المعنى تصبح "تنميتهم" استعمارا جديدا ينبني على إستغلال ترواث البلدان النامية وكبح طاقاتها الذاتية ,إن التنمية كسياسة رابطة بين دول المركز بكل مؤسساتها من جهة ( صندوق النقد الدولي- البنك العالمي- مجموعة التمانية الكبار...) والدول النامية من جهة أخرى تتميز بالدور الاستغلالي للشركات الاحتكارية الدولية التي وجدت في هذه الاخيرة ضالتها( الاعفاءات الضريبية- يد عاملة رخيصة- تلويث البيئة بدون مراقب...) بالاضافة إلى النهب عن طريق تصدير الارباح الى دول المركز ( الميتروبول) ,وسياسة "المساعدات التنموية " التي تشكل عودة الاستعمار ,واستراتيجية الاستتمارات والتبعية عن طريق الديون ,والاتكافئ في عقد الصفقات التجارية والمعاهدات ذات الطابع التفضيلي. وماذا تعني تنميتهم في أخر المطاف غير ضمان تطبيق السياسات النيوليبرالية :
*فتح الاسواق وتفكيك الاطر التنظيمية الوطنية.
*خوصصة المؤسسات والقطاعات العمومية
* منح المزيد من الديون لضمان التبعية .
*فرض اتفاقيات التبادل الحر( والمناطق الحرة)
لا يمكن التسليم بإمكانية انتقال التنمية عبر التبادل الحر للسلع والرساميل ,وبالتالي سيكون من العبت ترقب ظهور بوادر التقدم على إثر الاندماج داخل الاقتصاد الرأسمالي وفي هذا الصدد يقول الباحث المصري "سمير أمين" :"إن العلاقات القائمة بين تشكيلات العالم المتقدم وتشكيلات العالم المتخلف تسفر عن تفوق في تحويلات القيمة التي تشكل جوهر المسألة في قضية التراكم على الصعيد العالمي ,ففي كل مرة يدخل نمط الانتاج الرأسمالي في علاقة مع أنماط ماقبل رأسمالية التي يخضعها لسيطرته ,تضهر تحويلات في قيم الانماط الاخيرة نحو النمط الاول. "
إن التنمية كما يشرف عليها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي... تعني للدول النامية الخراب: فقر مدقع- بطالة جماهيرية- تلويث للغداءوالهواء...
التنمية المستديمة :

ظهر مفهوم التنمية المستديمة سنة 1980 حيت ثم تبنيه بشكل رسمي من طرف تقرير "مستقبلنا لنا جميعا " ( كما جاء في تقرير برونتلاند) وذلك سنة 1987 إذ برز هدا المفهوم نتيجة عاملين إتنين :
1-نتيجة الهوة ما بين دول الشمال ودول الجنوب ونتيجة البحث عن تنمية حقيقية . 2- الازمة الايكولوجية وضرورة حماية البيئة .
إن هذا التضخم في المفاهيم إذا ما أضفناه الى مفهوم التنمية هو ملهاة إيديولوجية للغرب ( التنمية المستديمة) . فالتقارير الدولية تبين هذا الزيف بوضوح ,إذ نجد في الصفحة (10) من تقرير بروتلاند " من أجل ان تتحقق التنمية التنمية في العالم باسره لابد للبلدان الغنية ان تلتزم نمطا للعيش يحترم الحدود البيئية للكرة الارضية " ولكن بعد عدة صفحات يسترسل التقرير " وأخدا بعين الاعتبار نسب التطور الديموغرافي ,هذا يقتضي من الانتاج الصناعي ان يرتفع من خمسة الى عشر حتى يتم اللحاق بمستوى الاستهلاك عند الدول المتقدمة لذات المنتجات الصناعية ." يعتبر مفهوم "التنمية المستديمة "إحدى المفاهيم التي تم ابتكارها من أجل إدخال قسط من الحلم ضمن واقع التطور الاقتصادي القاسي ويعتبر هذا التضخم في المفاهيم نوعا من التجنب للاوجه السلبية للتطور الاقتصادي .من أجل فهم الحكم التشاؤمي حول طبيعة ومصداقية تنمية مستديمة ومستخلصين النتائج المترتبة عنه يجب أن نقطع مع تلك الاستراتيجيات المغرضة والدجالة ومواجهة الحقائق كما هي في الواقع . إن البيئة تعرف أزمة خطيرة بفعل التوسع الرأسمالي : ففي المدة ما بين 1970 و2007 تراجعت :
-الانواع التي تعيش على الارض بواقع 25 بالمائة
-الانواع التي تعيش في البحر بنحو 28 بالامائة
-الانواع التي تعيش في المياه العذبة بنحو 29بالمائة
المصدر : تقرير للصندوق العالمي لحماية الطبيعة
إن الازمة البيئية الناتجة عن التطور الاقتصادي تشكل خطرا على الشعوب .ونعرف الماسي في الامازون :حرائق وحشية وإتلاف الغابات بطريقة وحشية أيضا واستنزاف للمعادن بطريقة وحشية وتنمية وحشية كانت نتيجتها القضاء نهائيا على قبائل الهنود ,والقضاء على انواع النباتات والحيوانات وأخيرا نتائج خطيرة على مستوى التوازن البيئي وهكذا فان الالاف من الانواع النباتية والحيوانية يتم اتلافها او القضاء عليها سنويا ,ويتم تحويل ستة ملايين من الهكتارات من غابة الامازون لحساب كبار مربي الابقار وعلى مستوى الكرة الارضية يتم إتلاف سنويا مابين إثنتا عشر وسبعة عشر ملايين من الهكتارات من المناطق الغابوية التي تشكل الرئة الحية والتي تنتج الاوكسيجين للارض ,اي ما يقرب من واحد في المائة من مساحة الكرة الارضية او ما يعادل ثلت بلد فرنسا .وتهددنا الى جانب هذه الكوارث المحققة والتي لايمكن إصلاحها ,تلوثات بيئية عامة كضاهرة "الانحباس الحراري" .قال سيرج لاتوش يوما ما أن التنمية المستديمة هي جحيم ,إن ما يتم الحفاض عليه ليس البيئة بل التنمية ( المفاهيم ) وهنا يكمن الفخ الحقيقي . صرح جورج بوش متحدتا عن بروتوكول كيوتو : "مستوى معيشتنا غير قابل للتفاوض" و ماذا تعني في الاخير التنمية المستديمة ,غير ضمان إستمرار وانتشار النموذج الغربي للتنمية بطريقة شمولية وما الى نهاية ؟
التنميةالبديلة:

يتبين مما سبق أنه ضرب من الحلم إنتضار التنمية المنشودة من مؤسسات همها الوحيد هو توطيد التبعية و الحفاظ على مصالحها الاقتصادية . إن تجاوز وضعية التخلف والتاخر وكذا كل الازمات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المترتبة عن هذا التخلف لن يتأتى إلا بالقطع الشامل مع سياسة الرأسمال النيوليبرالية المتميزة بتوطيد التبعية والمزيد من تغريب العالم باسم التنمية او التنمية المستديمة ,إن الاستعمار القديم سمي حماية ,أما الجديد فيسمى" تنمية" . تنمية تضمن للغرب الهيمنة على ترواث البلدان النامية وتدجين شعوبها بتقافة
إستهلاكية سطحية ,إن عصرا شعاره أكذوبة "الرفاهية"لمن شانه ان يكون عصرا للتناقضات الصارخة بين البلدان .
وتظل كل تنمية مستحيلة إذا ضلت حبيسة التصور الاقتصادوي الذي يختزل الوجود الاجتماعي في حساب هوامش المردودية وفي متطلبات تراكم الرأسمال,إن الكرامة الشخصية مجرد قيمة تبادلية قضت على الحريات المكتسبة وأحلت محلها حرية التجارة وحدها هذه الحرية التي لاتشفق ولا ترحم . إن التنمية البديلة هي تنمية مرتكزة على الذات اكثر مما ترتكز على الاخر ,تنمية تفك الارتباط مع الرأسمال الامبريالي بكل مؤسساته المالية والتجارية,و تتوقف عن سداد الديون التي لم يستفد منها الشعوب شيئا ,و تضمن العدالة الاجتماعية ,وحماية البيئة وحقوق الاجيال المستقبلية و الحريات والحقوق الديمقراطية والتوازن الجيوستراتيجي بين الشمال والجنوب بالاضافة الى إحترام التعدد التقافي .

إن هذه المطالب هي صعبة ولكن ليست مستحيلة ,إذ اتبتت التجارب التاريخية لدول نامية أن النظال التحرري لكل ضحايا هذه السياسات هي الكفيلة بتحقيقها بالعمل على عولمة المقاومة ورفض هذا النموذج الاقتصادي القائم الذي بدأ يتاكل بفعل تناقضاته.

بولعلام محمد

ليست هناك تعليقات: